الإبداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يحتوى على درر مما كتب ويكنب وعلى صنوف الإبداع في شتى صنوف المعرفة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجمع بين الصَّلوات وضوابطه

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:14

الجمع بين الصَّلوات في الحضر
بسبب المطر، والوحل، والبرد، والثلج، ونحوها
أولاً: الأعذار المبيحة للجمع في الحضر في المساجد
شروط صحة الجمع في الحضر في المساجد
ثانياً: الأعذار المبيحة للجمع بين الصلوات ذات الوقت المشترك للأفراد
الأفراد مخيَّرون بين جمع التقديم والتأخير
وقت الوتر لمن جمع بين العشائين
من الكبائر الجمع بين الصلاتين من غير عذر

الحمد لله الذي رفع عن هذه الأمة الحرج، ووضع عنها الآصار والأغلال التي كانت على غيرها من الأمم، وصلى الله وسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، وعلى آله وصحابته وأزواجه أمهات المؤمنين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد..
يكثر سؤال الناس واختلافهم في فصل الخريف عادة عن حكم الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء خاصة، ويدور نتيجة لذلك جدل ولغط وشد وجذب في المساجد بسبب ذلك، ولهذا أحببتُ أن أبيِّن الأسباب المبيحة للجمع في الحضر بسبب المطر والوحل وغيرهما، والشروط المتعلقة بذلك، ومذاهب أهل العلم وأقوالهم، وما يتعلق بذلك، واللهَ أسألُ أن يوفقني إلى ذلك، وأن يفقهنا في دينه، وأن يؤلف بين قلوب المسلمين ويهديهم سبل السلام.
فأقول وبالله التوفيق:
ã
أولاً: الأعذار المبيحة للجمع في الحضر في المساجد
أحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة لأول وقتها، فمن لم يتمكن من ذلك فلا يؤخرها عن الوقت الاختياري، ولا يحل لمؤمن أن يؤخر الصلاة المكتوبة إلى الوقت الضروري أو يجمع بين صلاتين لغير عذر شرعي، إذ الجمع بين الصلاتين لغير عذر من الكبائر.
لقد رخص الشارع الحكيم والرسول الرحيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لأمته في الجمع بين الصلوات ذات الوقت المشترك، وهي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، للأسباب الآتية:
1. المطر
المطر الذي يبيح الجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه، أما الطلُّ والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب ولا يحدث مشقة فلا يبيح الجمع.
أ‌. الجمع بين المغرب والعشاء
أجاز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر الكثير العامـة من أهل العلم، فمن الصحـابة عبد الله بن عمر رضي الله عنه، ومن التابعين عمر بن عبد العزيز، ونافع، ومروان بن الحكم، وسعيد بن المسيب، وأبان بن عثمان بن عفان، وهو قول فقهاء المدينة السبعة؛ ومن الأئمة مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
ومنع من ذلك الأحناف.
أدلة المجيزين للجمع بسبب المطر بين المغرب والعشاء
استدل المجيزون للجمع بسبب المطر بالآتي:
1. بما رواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى ينادي مناديه في الليلة المطيرة، أوالليلة الباردة ذات الريح: "صلوا في رحالكم".1
2. وقال سلمة بن عبد الرحمن: "من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء".2
3. وروى البيهقي بسنده عن بلال بن عقبة: "أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر، وإن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن، ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك.3
4. وقال نافع: "إن عبد الله بن عمر كان يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء".4
5. وروى هشام بن عروة5 أن أباه عروة، وسعيد بن المسيب، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحـارث بن هشام بن المغيرة المخزومي كانـوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة بين الصلاتين.
6. وقال هشام بن عروة: "رأيت أبان بن عثمان يجمع بين الصلاتين في الليلة المطيرة، المغرب والعشاء، فيصليهما معه عروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن، لا ينكرونه، ولا يعرف لهم في عصرهم مخالف، فكان إجماعاً".6
ب‌. الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر
بعد أن أجمع العامة من أهل العلم على جوازا لجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في الليلة المطيرة اختلفوا في جواز الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر.
فأجاز ذلك الشافعية ومن وافقهم، ومنع منه الجمهور مالك وأحمد، بجانب الأحناف المانعين للجمع بين المغرب والعشاء.
استدل المجيزون للجمع بين الظهر والعصر بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر في المطر".7
وقال المانعون لذلك بأن هذا الحديث غير صحيح.
قال ابن قدامة رحمه الله: (فأما الجمع بين الظهر والعصر فغير جائز، قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: الجمع بين الظهر والعصر في المطر؟ قال: لا، ما سمعتُ؛ وهذا اختيار أبي بكر وابن حامد، وقول مالك، وقال أبوالحسن التميمي: فيه قولان8، أحدهما أنه لا بأس به، وهو قول أبي الخطاب ومذهب الشافعي، لما روى يحيى بن واضح عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر في المطر، ولأنه معنى أباح الجمع، فأباحه بين الظهر والعصر، كالسفر؛ ولنا أن مستند الجمع ما ذكرناه من قول أبي سلمة والإجماع، ولم يرد إلا في المغرب والعشاء، وحديثهم غير صحيح، فإنه غير مذكور في الصحاح والسنن، وقول أحمد: ما سمعتُ، يدل على أنه ليس بشيء، ولا يصح القياس على المغرب والعشاء لما فيهما من المشقة لأجل الظلمة والمضرة، ولا القياس على السفر، لأن مشقته لأجل السير وفوات الرُّفقة، وهو غير موجود هاهنا).9


عدل سابقا من قبل محب الصالحين في الأحد يونيو 22 2008, 21:24 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:15

2. الوحل الشديد في الليلة المظلمة

من الأعذار المبيحة للجمع بين صلاتي المغرب والعشاء خاصة الوحل الشديد في الليلة الظلماء، وإن لم يكن المطر نازلاً في أرجح قولي العلماء، وهو قول مالك وأحمد في أصح الروايتين عنه، ومنع من ذلك الشافعي ومن وافقه.

قال ابن قدامة: (فأما الوحل بمجرده فقال القاضي10: قال أصحابنا: هو عذر، لأن المشقة تلحق بذلك في النعل والثياب كما تلحق بالمطر، وهو قول مالك، وذكر أبو الخطاب فيه وجهاً ثانياً، أنه لا يبيح، وهو مذهب الشافعي وأبي ثور، لأن مشقته دون مشقة المطر، فإن المطر يبل النعال والثياب، والوحل لا يبلها، فلم يصح قياسه عليه، والأول أصح، لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان للزَّلق، فيتأذى نفسُه وثيابُه، وذلك أعظم من البلل، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة، فدل على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم).11

3. الريح الشديدة في الليلة المظلمة

من الأعذار التي تبيح الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء كذلك الريح الشديدة في الليلة المظلمة في أرجح قولي العلماء.

والدليل على ذلك حديث ابن عمر السابق: "كان رسول الله صلى ينادي مناديه في الليلة المطيرة، أوالليلة الباردة ذات الريح: "صلوا في رحالكم".

ومن أهل العلم من منع من الجمع بسبب الريح الشديدة في الليلة المظلمة.

قال ابن قدامة: (فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة ففيها وجهان: أحدهما يبيح الجمع، قال الآمدي: وهو أصح، وهو قول عمر بن عبد العزيز، لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة.. والثاني لا يبيحه، لأن المشقة فيه دون المشقة في المطر، فلا يصح قياسه عليه، ولأن مشقتها من غير جنس مشقة المطـر، ولا ضابط لذلك يجتمعـان فيه، فلم يصح إلحـاقه به).12

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (يجوز الجمع للوحل الشديد، والريح الشديدة الباردة في الليلة الظلماء ونحو ذلك، وإن لم يكن المطر نازلاً في أصح قولي العلماء، وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت مخالف للسنة، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت مفرقة باتفاق الأئمة الذين يجوِّزون الجمع، كمالك والشافعي وأحمد).13

4. الظلمة والسيل

من الأعذار المبيحة للجمع بين صلاتي المغرب والعشاء الظلمة والسيل.

ودليل ذلك حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه: "أنه كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى؛ فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "أين تحب أن أصلي؟"، فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم".14

5. الثلج والجليد

قال الونشريسي: (فالجمع للثلج لاأذكر فيه نصاً في مذهب مالك، واختلف علماء الشافعية فيه، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، لأنه يزول بنفضه من الثياب، والذي يترجح والله أعلم أنه إن كان كثيراً جداً ويتعذر نفضه يجوز).15

6. الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير سفر، ولا مرض، ولا خوف، ولا مطر، رفعاً للحرج

صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة وهو صحيح مقيم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء.

خرَّج مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، من غير خوف، ولا سفر"، وفي رواية: "بالمدينة".

وعلل ذلك بأنه لم يرد أن يحرج أمته، وأوَّل بعضُ أهل العلم جمعه صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر في المدينة وبين المغرب والعشاء، أن ذلك بسبب المطر، وقال بعضهم بسبب السفر، ومما يدل على أن في هذا التأويل بعد ونظر ما خرَّجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن شقيق قال: "خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، فجعل الناس يقولون: الصلاة، الصلاة، قال: فجاء رجل من بني تميم لا يفتر: الصلاة، الصلاة، فقال: أتعلمني بالسنة لا أم لك؟ ثم قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشـاء"، قـال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيتُ أبا هريرة فسألتُه فصدَّق مقالته.

وفي رواية عنه: "قال رجل لابن عباس: الصلاة؛ فسكت، ثم قال: الصلاة؛ فسكت، ثم قال: لا أم لك، أتعلمنا بالصلاة، وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فهذا ابن عباس لم يكن في سفر ولا مطر، وقد استدل بما رواه على ما فعله، فعلم أن الجمع الذي رواه لم يكن في مطر، ولكن كان ابن عباس في أمر مهم من أمور المسلمين يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته، ورأى أنه إن قطعه ونزل فاتت مصلحته، فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بالمدينة لغير خوف ولا مطر، بل للحاجة تعرض له، كما قال: "أراد أن لا يحرج أمته"، ومعلوم أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة لم يكن لخوف ولا مطر ولا لسفر أيضاً، فإنه لو كان جمعه للسفر لجمع في الطريق، ولجمع بمكة كما كان يقصر بها، ولجمع لمَّا خرج من مكة إلى منى وصلى بها العصر والمغرب والعشاء والفجر، فعلم أن جمعه المتواتر بعرفة ومزدلفة لم يكن لمطر ولا خوف، ولا لخصوص النسك، ولا لمجرد السفر، فهكذا جمعه بالمدينة الذي رواه ابن عباس، وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن أمته، فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا.

ثم قال راداً على الإمام البيهقي رحمه الله، وهو من المؤوِّلين لجمعه بالمدينة بالمطر أوالسفر: قال البيهقي: ليس في رواية ابن شقيق عن ابن عباس من هذين الوجهين الثابتين عنه نفي المطر، ولا نفي السفر، فهو محمول على أحدهما، أوعلى ما أوله عمرو بن دينار، وليس في روايتهما ما يمنع ذلك التأويل، فيقال: يا سبحان الله! ابن عباس كان يخطبهم بالبصرة، فلم يكن مسافراً، ولم يكن هناك مطر، وهو ذكر جمعاً يحتج به على مثل ما فعله، فلو كان ذلك لسفر أومطر كان ابن عباس أجل قدراً من أن يحتج على جمعه بجمع المطر والسفر.

وأيضاً فقد ثبت في الصحيحين عنه أن هذا الجمع كان بالمدينة، فكيف يقال: لم ينفِ السفر؟ وحبيب بن أبي ثابت من أوثق الناس، وقد روى عن سعيد أنه قال: "من غير خوف ولا مطر".

وأما قوله ـ أي البيهقي ـ أن البخاري لم يخرجه، فيقال هذا من أضعف الحجج، فهو لم يخرِّج أحاديث أبي الزبير، وليس كل من كان من شرطه يخرجه، وأما قوله: ورواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قريب من رواية أبي الزبير، فإنه ذكر ما أخرجه في الصحيحين من حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء"، وفي رواية البخاري عن حماد بن زيد: "فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ فقال: عسى".

فيقال: هذا الظن من أيوب وعمرو، فالظن ليس من مالك، وسبب ذلك أن اللفظ الذي سمعوه لا ينفي المطر، فجوزوا أن يكون هو المراد، ولو سمعوا رواية حبيب بن أبي ثابت الثقة الثبت لم يظنوا هذا الظن، ثم رواية ابن عباس هذه حكاية فعل مطلق لم يذكر فيها نفي خوف ولا مطر، فهذا يدلك على أن ابن عباس كان قصده جواز الجمع بالمدينة في الجملة، وليس مقصوده تعيين سبب واحد.

ثم قال رحمه الله بعد أن فنَّد حجج المتأولين وبعد أن أورد عدداً من الآثار تدلُّ على جواز الجميع بسبب المطر ورفع الحرج ونحوهما: فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحداً من الصحابة والتابعين أنكر ذلك، فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك، لكن لا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا للمطر، بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضاً للمطر كان قد جمع من غير خوف ولا مطر، كما أنه إذا جمع في يالسفر وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، فقول ابن عباس جمع من غير كذا ولا كذا ليس نفياً منه للجمع بتلك الأسباب، بل إثبات منه، لأنه جمع بدونها وإن كان قد جمع بها أيضاً).16
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:16

. تأخير أولى المجموعتين قليلاً عن أول وقتها

اشترط بعضُ أهل العلم للجمع بين الصلاتين إذا وجد العذر المبيح لذلك تأخير الأولى قليلاً في جمع التقديم، والراجح عدم اشتراط ذلك لأنه ربما أوقع في الحرج الذي من أجله أبيح الجمع.

قال ابن شاس المالكي رحمه الله: (والمنصوص اختصاصه ـ أي الجمع في المطر ـ بالمغرب والعشاء، واستقرأ أبو القاسم بن الكاتب والقاضي أبو الوليد الجمع بين الظهر والعصر أيضاً27 من قول مالك في الموطأ28: أرى ذلك في المطر.

وإذا جمع بين المغرب والعشاء في وقت المغرب، فهل يفعل المغرب أول وقتها أو يؤخرها قليلاً؟ الرواية المشهورة أنه يؤخرها قليلاً ثم يقدم العشاء إليها، وروي أنه يصليها في أول وقتها، محافظة على الوقت المختار، وبهذه الرواية قال ابن وهب وأشهب).29

8. يؤذن للأولى فقط، ويقام للأولى والثانية

إذا جمع بين صلاتين فإنه يؤذن للأولى ويقام لكل منهما.

9. لا يتنفل بينهما

وقال ابن حبيب المالكي: (لا بأس أن يتنفل).30

[url=http://www.islamadvice.com/ibadat/ibadat2.htm#بداية الصفحة]ã[/url]

ثانياً: الأعذار المبيحة للجمع بين الصلوات ذات الوقت المشترك للأفراد

الذين يباح لهم الجمع بين الصلوات ذات الوقت المشترك، وهي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من الأفراد هم:

1. المريض

الذي يلحقه بسبب تأدية كل صلاة لوقتها مشقة وضعف، وقد ذهب أهل العلم في إباحة الجمع للمريض مذهبين:

أ‌. يجوز له الجمع، وهو مذهب عطاء، ومالك، وأحمد.

ب‌. لا يجوز له الجمع، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي.

استدل المجيزون للجمع للمريض بحديث ابن عباس السابق: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر"، وفي رواية: "من غير خوف ولا سفر".

روي عن أحمد بن حنبل أنه قال في حديث ابن عباس: هذا عندي رخصة للمريض والمرضع.31

وقال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: المريض يجمع بين الصلاتين؟ فقال: إني لأرجو ذلك إذا ضعف وكان لا يقدر إلا على ذلك.

2. المستحاضة

وقد صحَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل وحمنة بنت جحش لما كانتا مستحاضتين بتأخير الظهر وتعجيل العصر، ويجمع بينهما بغسل واحد.32

3. المرضع.

4. من به سلس بول، أوريح، أومذي.

5. الشيخ الكبير.

6. من به رعاف دائم.

7. من به جرح لا يرقأ دمه.

8. الخائف.

وقال شيخ الإسلام: (ويجمع المرضى كما جاءت بذلك السنة في جمع المستحاضة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالجمع في حديثين).33

[url=http://www.islamadvice.com/ibadat/ibadat2.htm#بداية الصفحة]ã[/url]

الأفراد مخيَّرون بين جمع التقديم والتأخير

الأفراد مخيرون بين أن يجمعوا جمع تأخير أوتقديم، وعليهم أن يفعلوا الأرفق بهم، فإذا جمعوا جمع تقديم عليهم أن يؤخروه حتى يدخل وقت الأخرى، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش: "ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء"، "وإن قويتِ على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر" الحديث.

قال ابن شاس وهو يعدد الأعذار المبيحة للجمع: (السبب الثالث المرض، فيجوز للمريض الجمع، وقال ابن نافع: لا يجمع قبل الوقت، ويصلي كل صلاة لوقتها، فمن أغمي عليه حتى ذهب وقته لم يكن عليه قضاء.

السبب الرابع الخوف، وفي جواز الجمع به قولان لابن القاسم.

وقال: ولو صلى الشيخ الضعيف أوالمرأة في البيت بالمسمِّع ففي جـواز الجمع لهما خـلاف).34

[url=http://www.islamadvice.com/ibadat/ibadat2.htm#بداية الصفحة]ã[/url]

وقت الوتر لمن جمع بين العشائين

ذهب أهل العلم في وقت الوتر لمن جمع بين الصلاتين مذهبين:

1. يوتر بعد الجمع.

2. لا يوتر حتى يدخل وقت العشاء في بيته.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية35 والإفتاء في الإجابة على سؤال: وإذا جمع فهل تصلى السنة أوالوتر؟ : (.. وله أن يوتر بعد صلاة العشاء المجموعة مع المغرب جمع تقديم).

قال صاحب سبيل السعادة المالكي36: (وليس لمن يريد الجمع أن يتنفل بين الفريضتين ولا بعدهما، ويؤذن ويقيم لكل منهما ويصليهما بلا فصل بينهما).

[url=http://www.islamadvice.com/ibadat/ibadat2.htm#بداية الصفحة]ã[/url]

من الكبائر الجمع بين الصلاتين من غير عذر

روى البيهقي في سننه الكبرى37 بسنده عن أبي قتادة العدوي أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل له: ثلاث من الكبائر: الجمع بين الصلاتين إلا من عذر، والفرار من الزحف، والنهب.

قال البيهقي: وقد روي فيه حديث موصول عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده من لا يحتج به.

ومن أمثلة الجمع لغير عذر الجمع في البيوت، والجمع لتخزين "القات" الذي أحدثه الشيعة الزيدية باليمن.

[url=http://www.islamadvice.com/ibadat/ibadat2.htm#بداية الصفحة]ã[/url]

للاتصال بمدير الموقع الشيخ / الأمين الحاج محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:19


ضوابط الجمع بين الصلوات
ضوابط الجمع بين الصلوات ) جزء من محاضرة : ( اغتنام الأوقات بالطاعات ) للشيخ : ( محمد المنجد )

عباد الله: أمرٌ آخرٌ في قضية الجمع في المطر وقد سبق التنبيه على عدم التنازع وتحويل المساجد إلى ساحات للصراع في الآراء، ورفع الأصوات والصياح، والاختلاف بين المسلمين، حتى لو أن كافراً يريد أن يسلم واطلع على بعض ما يدور في جماعة مسجد من المساجد في هذا الشأن، لربما صده ذلك عن ديننا، فلا يجوز رفع الأصوات في المساجد والصياح والاختلاف فيها، وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى شيئاً من ذلك، فاجتنبوا ذلك يرحمكم الله، والمسألة واضحة فيما ذكره أهل العلم في الجمع في المطر من استمرار نزوله مطراً حقيقاً يبل الثياب، فيه مشقة وحرج في قدوم الناس إلى المسجد، فهذا المطر الذي يجمع فيه- وقد ذكر علماؤنا هذه المسألة- وأنقل لكم هذه الفتوى التي صدرت من سماحة الشيخ ابن باز في هذه المسألة: يجب على المسلم أداء الصلوات الخمس في أوقاتها التي حددها الله لها، وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله وبفعله، قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء: 103] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلِّ الصلاة لوقتها) فلا يجوز فعل الصلاة في غير وقتها لا قبله ولا بعده إلا لمن يجوز له الجمع بين الصلاتين لعذر شرعي يبيح له الجمع، كالسفر الذي تقصر فيه الصلاة، والمرض الذي يحصل فيه على المريض بترك الجمع مشقة، وفي حالة المطر والوحل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لأن فعل الصلاة في وقتها فرض، والوقت أوكد فرائض الصلاة، كما أن صيام شهر رمضان واجب في وقته ليس لأحد أن يؤخره عن وقته، لكن يجوز الجمع بين الظهر والعصر بـعرفة ، وبين المغرب والعشاء بـمزدلفة باتفاق المسلمين، وكذلك يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر عند كثيرٍ من العلماء للسفر والمرض ونحو ذلك من الأعذار، وأما تأخير صلاة النهار إلى الليل، وتأخير صلاة الليل إلى النهار فلا يجوز لمرض، ولا لسفر، ولا لشغل من الأشغال، ولا لصناعة باتفاق العلماء، بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: [الجمع بين صلاتين من غير عذر من الكبائر] انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله. وبناءً على ذلك فالذين يسارعون إلى الجمع لمجرد وجود غيم، أو مطر خفيف لا يحصل منه مشقة، أو لحصول مطر سابق لم ينتج عنه وحلٌ في الطرق، فإنهم قد أخطئوا خطأً كبيراً، ولا تصح منهم الصلاة التي جمعوها إلى ما قبلها؛ لأنهم جمعوا من غير عذر، وصلوا الصلاة قبل دخول وقتها. وأيضاً: لا يجوز الجمع بين الجمعة والعصر، لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولأن الجمعة ليست من جنس العصر، فمن جمع بين الجمعة والعصر فعليه أن يعيد صلاة العصر لكونه صلاها قبل وقتها لغير مسوغ شرعي. فإذاً إذا كان مطراً واضحاً يبل الثياب ويحصل منه مشقة ولو لبعض الناس، لأن بعض المجاورين للمسجد قد لا يحصل له شيء، فعند ذلك تُجمع الصلاتان. وينبغي -يا عباد الله- كذلك الائتلاف والاتفاق وعدم الاختلاف، وبيان كلام أهل العلم في المسائل، وليس الجمع شهوة، المسألة ليست كما قال أحد الناس، قال: اجمعوا أين نجد هذه الفرصة؟ ليست المسألة بيعاً وشراءً، وليست عرضاً تجارياً، المسألة مسألة صلاة ودين، ولذلك ينبغي أن يكون الجمع صحيحاً، ولنعلم أيضاً: أن حال الأحياء والمدن يختلف، فبعض المساجد قد يحيط بها مستنقعات من المياه حتى لو توقف المطر يخوضون في الوحل والماء، فهؤلاء يجمعون، وآخرون ليس عندهم هذا العذر لا يجمعون، وبعض المخططات السكنية فيها خوض في الوحل والطين يجمعون ولو توقف المطر، وغيرهم لا يجمع، لأنه ليس عندهم عذر الجمع، وقد يكون المطر كثيفاً في طرف البلد خفيفاً في الطرف الآخر أو منقطعاً، فينبغي مراعاة كل مسجد وكل حي بحسبه. وكذلك فإنه ينبغي تعلم دين الله تعالى، فإن بعض الناس بلغ من جهلهم أنهم جمعوا في المطر في البلد وقصروا!! وهذا من تقصيرهم وجهلهم، فأين سمعت بقصر صلاة في البلد وليس قصرٌ إلا في السفر؟! ومن فعل ذلك، فعليه التوبة والإعادة، وأحياناً يكون الإمام من الأعاجم، فيتسلط عليه من في المسجد، ويلزمونه بجمع ليس فيه جمع شرعي، ويكون بجهله ربما يؤدي إلى قصر الصلاة، وهم بجهلهم لا ينبهونه، ويخرج الناس من المسجد ويتفرقون ولم يقضوا واجب الله تعالى، ولذلك ينبغي الحرص على العلم، ومعرفة أقوال أهل العلم وتحقق العذر، ولا بأس إذا كان العذر قائماً أن يذهب إلى مسجد فيه جمع ليجمع ما دام العذر قائماً، وأما إذا لم يكن قائماً، فلا يجمع ولو معهم، ولا يصلي معهم ولو نافلة؛ لئلا يكون مقراً لهم على حالهم، وينبغي أن تكون النصيحة بالحسنى فيما بينه وبين إمامه وبين المصلين وبعضهم، وكونوا عباد الله إخواناً. نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفقه في دينه والعمل بكتابه. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:20

الضابط لجمع الصلاة في المطر
المفتي د . سعد بن عبدالله الحميد
رقم الفتوى 17831
تاريخ الفتوى 8/11/1427 هـ -- 2006-11-29
تصنيف الفتوى الفقه-> قسم العبادات-> كتاب الصلاة->باب الجمع بين الصلاتين
السؤال رأينا البعض ربما يجمع في المطر ولو كان يسيراً، والبعض لا يجمع إلا في المطر الشديد، والبعض يقول لا أصل للجمع في المطر وإنما الصلاة في الرمال، فهل للجمع في المطر ضابط وهل يجوز الجمع باشتداد الغبار ونحو ذلك من الأعذار .

الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل أن الصلاة تؤدى في وقتها لقول الله جل وعلا:
(
إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) النساء(103)،
أي مفروضاً في الأوقات، لكن وردت الأدلة أيضاً في إباحة الصلاة في غير وقتها لأهل الأعذار، لمن كان محتاجاً لذلك، كالمسافر، وكمن نزل عليه المطر، وكالمريض إذا احتاج إلى الجمع، ونحو ذلك من الأعذار، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة سبعا يعني بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر)،
أخرجه البخاري (1174) ومسلم ( 152).
وقد ادَّعى بعض أهل العلم عدم العمل بهذا الحديث، ولكن الصواب أن العمل به جاري، وقد عمل به ابن عباس رضي الله عنه حينما حدَّث بهذا الحديث بالبصرة، ولكن الجواب عنه أن الأعذار ليست منحصرة في المطر، ولا في المرض، ولا في السفر، وإنما قد توجد أعذار أخرى، والمقصود هو رفع الحرج عن الأمة، فمتى ما وجد الحرج أبيح الجمع بين الصلاتين إما الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وبلا شك أن من الأعذار وجود المطر، أو البرد الشديد ، أو الغبار الشديد الذي يتأذى به الناس فيحرجون بأداء كل صلاة في وقتها،
فبالنسبة للمطر إذا نزل المطر والناس في المسجد مثلاً في صلاة المغرب فيشرع لهم في هذه الحال الجمع بين المغرب والعشاء، لكن بشرط أن يكون ذلك المطر مبيحاً للجمع، بمعنى أن يكون كثيراً بحيث يتأذى الناس بالرجوع إلى المسجد لصلاة العشاء، أما إذا كان المطر خفيفاً فلا ينبغي الجمع ولا ينبغي التهاون في هذه المسألة،
وأما إذا نزل المطر والناس في بيوتهم مثلاً بعد المغرب، فهذا ورد فيه حديث ابن عمر المعروف (ألا صلوا في رحالكم)،
أخرجه البخاري(1/166) ومسلم(2/147)،
فيشرع في هذه الحالةأن يقال للناس: صلوا في بيوتكم، وليس هناك من داع بأن تحرِّجوا على أنفسكم، وتأتوا إلى المساجد فتتأذوا بهذاالمطرالنازل، فهذا هو التفصيل في هذه القضية، أي بالتفريق بين إذا ما كان الناس في المسجد في حالة نزول المطر فيشرع لهم الجمع، وبينما إذا كانوا في بيوتهم، فالأولى أن يصلوا في بيوتهم إذا كانوا يتأذون، أما إذا استطاع الإنسان أن يأتي إلى المسجد بواسطة السيارة، أو لم يكن عليه مشقة في المجيء إلى المسجد وبخاصة في ظل هذه النعم، من الطرق المعبدة والأرصفة والشوارع المضيئة، فالأَوْلى في هذه الحال أن يصلي في المسجد جماعة؛ لأن التأذي في المطر في هذه الأزمان ليس كالتأذي به في الأزمان الماضية، فالأزمان الماضية كانت الأرض زلقة بسبب أنها طينية، والمطر النازل قد يوقع الإنسان في الأرض ويتأذى باتساخ ملابسه، وربما وصلت الأذية إلى أشد من هذا ككسر في بدنه، أو غير ذلك،
أما الآن فمجرد ابتلال الملابس، فمن يريد أن يحتسب الأجر فهذا أجره عند الله سبحانه وتعالى، ومن أراد أن يأخذ بالرخصة فلا بأس في ذلك على ما فصلنا،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:28

بعض المسائل للجمع بالمطرالمطر الذي تحصل به مشقة على الناس يجوز للمصلين أن يجمعوا بسببه؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما-,قال:"جمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر". وفي لفظ: "في غير خوف ولا سفر" فسئل لِمَ فعل ذلك؟ قال: "أراد أن لا يحرج أمته"(1) قال المجد ابن تيمية- رحمه الله-:"وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر،والخوف، والمرض، وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر، للإجماع، ولأخبار المواقيت، فيبقى فحواه على مقتضاه، وقد صح الحديث في الجمع للمستحاضة،والاستحاضة نوع مرض"(2).

وقال العلامة الألباني -رحمه الله- عن قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "في غير خوف ولا مطر" "... يشعر أن الجمع في المطر كان معروفًا في عهده -صلى الله عليه وسلم-، ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة فائدة من نفي المطر كسبب مبرر للجمع، فتأمل"(3). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن قول ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضًا: "من غير خوف ولا مطر" "ولا سفر": "والجمع الذي ذكره ابن عباس لم يكن بهذا ولا هذا، وبهذا استدل أحمد به على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى؛ فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى، وهذا من باب التنبيه بالفعل؛ فإنه إذا جمع يرفع الحرج الحاصل بدون الخوف، والمطر، والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع، والجمع لها أولى من الجمع لغيرها"(4).

وقد جاء في الجمع بسبب المطر آثار(5 )عن الصحابة والتابعين، فعن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم"(6).

وعن هشام بن عروة أن أباه عروة، وسعيد بن المسيب، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين، ولا ينكرون ذلك(7).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك، لكن لا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يجمع إلا للمطر، بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضًا للمطر، كان قد جمع من غير خوف ولا مطر، كما أنه إذا جمع في السفر، وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، فقول ابن عباس: جمع من غير كذا ولا كذا ليس نفيًا منه للجمع بتلك الأسباب، بل إثبات منه؛ لأنه جمع بدونها، وإن كان قد جمع بها أيضًا""(Cool" وقال الإمام ابن قدامة-رحمه الله-:"والمطر المبيح للجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه،وأما الطل والمطر الخفيف الذي لا يبل الثياب،فلا يبيح،والثلج كالمطر في ذلك؛لأنه في معناه،وكذلك البرد(9).

والجمع للمطر،ونحوه الأفضل أن يقدم في وقت الأولى؛لأن السلف إنما كانوا يجمعون في وقت الأولى؛ولأنه أرفق بالناس،ولاشك أنه إذا جاز الجمع صار الوقتان وقتًا واحدً(10).

7-
الجمع لأجل الوحل الشديد(11)، والريح الشديدة الباردة؛ لحديث عبد الله بن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا ذلك فقال: أتعجبون من ذا؟ فقد فعل ذا من هو خير مني إن الجمعة عزمة(12)وإني كرهت أن أُحرجكم فتمشوا في الطين والدحض". وفي لفظ: "أذن مؤذن ابن عباس في يوم الجمعة في يوم مطير... وقال: وكرهت أن تمشوا في الدحض والزلل(13).

ذكر النووي -رحمه الله- أن هذا الحديث دليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار، وأنها متأكدة إذا لم يكن عذر، وأنها مشروعة لمن تكلف الإتيان إليها، وتحمل المشقة؛ لقوله في الرواية الأخرى: "ليصل من شاء في رحله"(14)، وأنها مشروعة في السفر. والحديث دليل على سقوط الجمعة بعذر المطر ونحوه(15).

قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-: "فأما الوحل بمجرده فقال القاضي: قال أصحابنا: هو عذر؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال، والثياب كما تلحق بالمطر، وهو قول مالك..."(16) ثم أن هذا القول أصح؛ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان للزلق، فيتأذى بنفسه وثيابه، وذلك أعظم من البلل، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة، فدل على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم"(17).

وكذلك الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة يجوز الجمع فيها؛ لحصول المشقة(18).

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن صلاة الجمع في المطر بين العشائين: هل يجوز من البرد الشديد، أو الريح الشديدة، أم لا يجوز إلا من المطر خاصة؟ فأجاب: "الحمد لله رب العالمين، يجوز الجمع بين العشائين للمطر، والريح الشديدة الباردة، والوحل الشديد، وهذا أصح قولي العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد، ومالك، وغيرهما، والله أعلم"(19), ثم قال: "وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالف للسنة، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين"(20).

وقد اختلف العلماء في جواز الجمع بين الظهر والعصر، في الأعذار المبيحة للجمع في الحضر، فقال قوم: لا يجوز الجمع إلا للمغرب والعشاء؛ لأن الألفاظ وردت بالجمع في الليلة المطيرة، والقول الثاني: جواز الجمع بين الظهر والعصر؛ لأن الألفاظ لا تمنع أن يجمع في يوم مطير؛ لأن العلة هي المشقة، فإذا وجدت المشقة في ليل أو نهار جاز الجمع(21)، وقال العلامة محمد بن قاسم رحمه الله: "الوجه الآخر يجوز الجمع بين الظهرين كالعشائين، اختاره القاضي، وأبو الخطاب، والشيخ، وغيرهم، ولم يذكر الوزير عن أحمد غيره، وقدمه، وجزم به، وصححه غير واحد، وهو مذهب الشافعي""(22)"، وقال العلامة السعدي رحمه الله: "والصحيح جواز الجمع إذا وجد العذر، ولا يشترط غير وجود العذر، لا موالاة ولا نية..."(23) وقال العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز -رحمه الله-: "أما الجمع فأمره أوسع؛ فإنه يجوز للمريض، ويجوز أيضًا للمسلمين في مساجدهم عند وجود المطر، أو الدحض، بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر ولا يجوز لهم القصر؛ لأن القصر مختص بالسفر فقط، وبالله التوفيق"(24).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد,وعلى آله وصحبه،والحمد لله رب العالمين.



--------------------------------------------------------------------------------

1-
رواه مسلم.

2-
المنتقى من أخبار المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، باب جمع المقيم لمطر أو غيره (2/4).

3 -
إرواء الغليل (3/40).

4-
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (24/76).

5-
انظر: المغني لابن قدامة (3/132).

6-
مالك في الموطأ والبيهقي في السنن (3/168)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (3/41)، برقم (583).

7-
البيهقي في الكبرى (3/168)، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل (3/40).

8-
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (24/83).

9-
المغني لابن قدامة (3/133).

10-
انظر: المغني لابن قدامة (3/136)، وفتاوى شيخ الإسلام (25/230، 24/56)، والشرح الممتع لابن عثيمين (4/563).

011
الوحل: الطين الرقيق الملوث بالرطوبة، وهو الزلق، والوحل، والدحض، والزلل، والزلق، الردغ كله بمعنى واحد، وقيل: هو المطر الذي يبل وجه الأرض. شرح النووي على صحيح مسلم (5/215)، وانظر: حاشية الروض المربع لابن قاسم (2/403).

12-
الجمعة عزمة: أي واجبة متحتمة: شرح النووي على صحيح مسلم (5/244).

13-
رواه مسلم.

14-
رواه مسلم.

15-
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (5/213-216).

16-
المغني (3/133).

17 -
المغني (3/133-134).

18-
انظر: المغني لابن قدامة (3/134).

19-
مجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/29).

20-
مجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/30).

21-
انظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين (4/558).

22-
حاشية الروض المربع، لابن قاسم (2/402)، وذكر القولين ابن قدامة في المغني (3/132)، وفي الكافي (1/459).

23-
المختارات الجلية (ص68).

24-
مجموع فتاوى ابن باز (2/289-290).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:29



رقـم الفتوى :

30105

عنوان الفتوى :

حكم الجمع بين مشتركتي الوقت في المصلى

تاريخ الفتوى :

25 محرم 1424 / 29-03-2003
السؤال

ما حكم الجمع بين الصلاه مثل الظهر والعصر أو المغرب والعشاء في مصلى وليس في مسجد؟
الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيجوز الجمع بين الصلاتين للمسافر وعند الخوف والمرض في غير المحل المعد للصلاة، واختلفوا في الجمع للمطر، فذهب المالكية إلى جواز الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم فقط في المسجد لمطر أو طين مع ظلمة لا طين أو ظلمة أي لا يجمع عند وجود أحدهما.
قال عليش في منح الجليل: ورخص ندباً لمزيد المشقة في صلاة العشاء في مختارها مع الجماعة في المسجد في جمع العشاء بين جمع تقديم فقط، أي لا الظهرين لعدم مزيد المشقة في صلاة كل منهما في مختارها غالباً... انتهى.
وذهب الشافعية إلى جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم فقط في الأظهر، ويكون ذلك لمن أراد أن يصلي جماعة في مكان مقصود للصلاة من مسجد ومصلى ونحوهما، ويتأذى في طريقه إليه بالمطر لبعده، فلو صلى ولو جماعة في بيته أو في مكان للجماعة قريب أو مشى في ركن أو صلوا فرادى في المسجد أو نحوه فلا جمع لانتفاء التأذي، وقد فصل ذلك الإمام النووي في المجموع فقال: قال أصحابنا: والجمع بعذر المطر وما في معناه من الثلج وغيره يجوز لمن يصلي في مسجد يقصده من بعد، ويتأذى بالمطر في طريقه، فأما من يصلي في بيته منفرداً أو جماعة أو يمشي إلى المسجد في ركن أو كان المسجد في باب داره أو صلى النساء في بيوتهن أو الرجال في المسجد البعيد أفراداً فهل يجوز الجمع ؟ فيه خلاف، حكاه جماعة من الخراسانيين وجهين، وحكاه المصنف وسائر العراقيين وجماعات من الخراسانيين قولين أصحهما باتفاقهم لا يجوز فهو نصه في الأم والقديم كما سبق، ممن صححه إمام الحرمين والبغوي والرافعي وقطع به المحاملي في المقنع والجرجاني في التحرير؛ لأن الجمع جوز للمشقة في تحصيل الجماعة وهذا المعنى مفقود هنا.
والثاني وهو نصه في الإملاء يجوز، واحتج له المصنف وغيره بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع وبيوت أزواجه إلى المسجد، أجاب الأولون عن هذا بأن بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم تسعة وكانت مختلفة، منها: بيت عائشة بابه إلى المسجد، ومعظمها بخلاف ذلك، فلعله صلى الله عليه وسلم في حال جمعه لم يكن في بيت عائشة، وهذا ظاهر، فإن احتمال كونه صلى الله عليه وسلم في الباقي أظهر من كونه في بيت عائشة. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى جواز الجمع تقديماً وتأخيراً بين المغرب والعشاء فقط عند المطر قال في متن الإقناع: ويجوز - أي الجمع - بين العشاء لا الظهرين لمطر يبل الثياب، زاد جمع أو النعل أو البدن، وتوجد معه مشقة لا الظل - فلا يباح له الجمع - ولثلج وبرد ووحل وريح شديدة باردة حتى لمن يصلي في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط ولمقيم في المسجد ونحوه.
وقالوا: لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر، واستدلوا بجمع النبي صلى الله عليه وسلم مع قرب بيته من المسجد، وسبق الرد على هذا الحديث في كلام النووي رحمه الله تعالى، ولعل الأقرب إلى الصواب هو التفصيل الذي سبق ذكره في كلام النووي رحمه الله تعالى.
والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:31


الجمع بين الصلاتين للمسافر وجمع المقيم

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


المبحث الثاني : جمع المقيم

فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء [55] .
وفي رواية لمسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا بالمدينة في غير خوف ولا سفر . قال أبو الزبير : فسألت سعيدا : لِـمَ فَعَلَ ذلك ؟ فقال : سألتُ ابن عباس كما سألتني ، فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
وفي رواية له قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر .

أولاً : من مباحث الحديث الفقهية

أولاً : حديث ابن عباس رضي الله عنهما أصل في جمع المقيم .
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوّزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يُتخذ ذلك عادة ، وممن قال به : ابن سيرين وربيعة وأشهب وبن المنذر والقفال الكبير ، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث [56] .
ومنطوق حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير عُـذر .
ومفهومه أن الخوف والمطر والسفر أعذار تُبيح الجمع .

ثانياً : لا يصح في سبب الجمع سوى ما قاله فيه راويه : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
والقاعدة أن الراوي أدرى بمرويِّـه .
" وليس لأحد أن يتأوّل في الحديث ما ليس فيه " [57] .
وقال النووي: ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته ، فلم يُعلله بمرض ولا غيره [58]
وفي رواية البخاري [59] : فقال أيوب : لعله في ليلة مطيرة ؟ قال : عسى .
قال ابن حجر : واحتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث .
ثم قال الحافظ : لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ من غير خوف ولا مطر ، فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر ، وجوّز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض ، وقوّاه النووي ، وفيه نظر ؛ لأنه لو كان جَمْعُه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من به نحو ذلك العذر ، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بأصحابه ، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته . قال النووي : ومنهم من تأوّله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم مثلا فَبَانَ أن وقت العصر دخل فصلاها . قال : وهو باطل ؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر ، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء [60] .

ثالثاً : حَمَل بعض العلماء الحديث على الجمع الصوري ، وهو مردود بقول راويه : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
قال ابن حجر : وإرادة نفى الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري ؛ لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج [61] .

رابعاً : جواز الجمع إذا وُجد العُذر المبيح له .
فالمرض عُذر ، ومتى وُجِدت المشقة جاز للمريض الجمع .
قال ابن المنذر : اختلف أهل العلم في جمع المريض بين الصلاتين في الحضر والسفر ، فأباحت طائفة للمريض أن يجمع بين الصلاتين ، وممن رخص في ذلك عطاء بن أبي رباح .
وقال مالك في المريض : إذا كان أرفق به أن يجمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك بعد الزوال ، ويجمع بين المغرب والعشاء عند غيبوبة الشفق إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل ذلك ، وإنما ذلك لصاحب البطن وما أشبهه من المرضى ، أو صاحب العلة الشديدة يكون هذا أرفق به [62] .
وقال الليث : يجمع المريض والمبطون ، وقال أبو حنيفة : يجمع المريض بين الصلاتين كجمع المسافر ، وقال أحمد وإسحاق : يجمع المريض بين الصلاتين [63] .
وقال الترمذي : ورخّص بعض أهل العلم من التابعين في الجمع بين الصلاتين للمريض ، وبه يقول أحمد وإسحاق ، وقال بعض أهل العلم يجمع بين الصلاتين في المطر ، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق ، ولم يَرَ الشافعي للمريض أن يجمع بين الصلاتين [64] .
" والمرض المبيح للجمع هو ما يلحقه به بتأدية كل صلاة في وقتها مشقة وضعف . قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : المريض يجمع بين الصلاتين ؟ فقال : إني لأرجو له ذلك إذا ضعف ، وكان لا يقدر إلا على ذلك . وكذلك يجوز الجمع للمستحاضة ولمن به سلس البول ومن في معناهما " [65] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : فالأحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته ، فيُباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة ، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأحرى ، ويجمع من لا يُمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إلا بِحَرج كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور [66]
وقال : الذي يجمع للسفر هل يباح له الجمع مطلقا أو لا يباح إلا إذا كان مسافرا ؟
فيه روايتان عن أحمد مقيما أو مسافرا ، ولهذا نص أحمد على أنه يجمع إذا كان له شغل . قال القاضى أبو يعلى : كل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة يبيح الجمع ، ولهذا يجمع للمطر والوحل وللريح الشديدة الباردة في ظاهر مذهب الإمام أحمد ، ويجمع المريض والمستحاضة والمرضع [67] .

والمطر والبرد الشديد والريح الشديدة والوَحَل كلها أعذار مُبيحة للجمع .
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن صلاة الجمع في المطر بين العشائين ، هل يجوز من البرد الشديد ؟ أو الريح الشديدة ؟ أم لا يجوز إلا من المطر خاصة ؟
فأجاب : الحمد لله رب العالمين . يجوز الجمع بين العشائين للمطر والريح الشديدة الباردة والوحل الشديد ، وهذا أصح قولي العلماء ، وهو ظاهر مذهب أحمد ومالك وغيرهما ، والله أعلم [68] .

وقال ابن الملقِّن : اختلف العلماء في جواز الجمع بعذر المطر ، فجوّزه الشافعي والجمهور في الصلوات التي يجوز الجمع فيها ، وخصّه مالك بالمغرب والعشاء فقط [69] .
ومن العلماء من قيّد المطر بالشديد الذي يبلّ الثياب وتقع المشقة بسببه .
قال ابن قدامة : والمطر المبيح للجمع هو ما يبل الثياب وتلحق المشقة بالخروج فيه ، وأما الطلّ والمطر الخفيف الذي لا يَبُلّ الثياب فلا يبيح ، والثلج كالمطر في ذلك ؛ لأنه في معناه وكذلك البَرَد .
فأما الوَحْل بمجرّده ، فقال القاضي : قال أصحابنا : هو عذر ؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال والثياب كما تلحق بالمطر ، وهو قول مالك .
وذكر أبو الخطاب فيه وجها ثانيا أنه لا يبيح ، وهو مذهب الشافعي وأبو ثور ؛ لأن مشقته دون مشقة المطر ، فإن المطر يبل النعال والثياب ، والوحل لا يبلها ، فلم يصح قياسه عليه ، والأول أصحّ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال ويتعرض الإنسان للزّلق ، فيتأذى نفسه وثيابه ، وذلك أعظم من البلل ، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة فَدَلّ على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم .
فأما الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة ففيها وجهان : أحدهما يبيح الجمع . قال الآمدي : وهو أصح ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة [70] .

خامساً : هل يجمع بين الظهر والعصر لأجل هذه الأعذار ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى منع الجمع بين الظهر والعصر في المطر
قال ابن قدامة : فأما الجمع بين الظهر والعصر فغير جائز [71] .
وهذا خلاف المقصد من الجمع ، فإنه متى ما وُجِدت المشقة جاز الجمع ، كما تقدّم .
قال الإمام الشافعي : أرأيتم إن قال لكم قائل : بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر ، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر . هل الحجة عليه ؟ إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يَجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض ، فكذلك هي على من قال : يجمع بين المغرب والعشاء ، ولا يجمع بين الظهر والعصر ، وقلما نجد لكم قولا يصح ، والله المستعان . أرأيتم إذا رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء ، هل تَعدون أن يكون لكم بهذا حجة ؟ فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر ، وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ، ولا مغرب ولا عشاء ، لا يجوز غير هذا وأنتم خارجون من الحديث [72]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : يجوز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر عند كثير من العلماء للسفر والمرض ونحو ذلك من الأعذار [73] .
وحديث الباب حجة لمن قال بالجمع في الحضر عند وجود العُذر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك توسعة لأمته ، ورَفْعُ الحرج من قواعد الشريعة .
وقال الأُبّـي : وبالجمع للمطر قال مالك والشافعي وجمهور السلف ، وأباه الحنفية وأهل الظاهر والليث إلا أن مالكاً قَصَر الجمع للمطر في المعروف عنه على المغرب والعشاء ، وعمّمه الشافعي فيهما وفي الظهر والعصر ، وهو ظاهر ما لِمالِك في الموطأ ، وألحق مالك بالمطر اجتماع الطين والظّلمة ، وجاء عنه ذِكر الطين مُفرَدا [74] .

فائدة :
في قول ابن عباس رضي الله عنهما : أراد أن لا يحرج أمته .
قال ابن سيد الناس : قد اختُلف في تقييده ، فرُوي بالياء المضمومة آخر الحروف ، وأمتَه منصوب على أنه مفعوله ، ورُوى تحرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة ، وضم أمتُه على أنها فاعلة ، ومعناه إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل ، فقصد إلى التخفيف عنهم [75] .
وفائدة أخرى :
قوله : " صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء " فيه تقديم وتأخير .
فإن السبع هي صلاتي المغرب والعشاء .
والثَّمان هي صلاتي الظهر والعصر .
وهذا يجوز لغة ، قال الله تبارك وتعالى : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [76] .
فقدّم وأخّــر .

والله تعالى أعلى وأعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محب الصالحين
عضو ذهبي
عضو ذهبي



عدد المساهمات : 236
تاريخ التسجيل : 12/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالأحد يونيو 22 2008, 21:32

مسألة: باب جمع المقيم لمطر أو غير من كتاب نيل الأوطار



باب جمع المقيم لمطر أو غيره



1175 - ( عن ابن عباس رضي الله عنهما : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء } . متفق عليه .



وفي لفظ للجماعة إلا البخاري وابن ماجه : { جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر } , قيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته ) .



.

الحاشية رقم: 1

[ ص: 257 ] الحديث ورد بلفظ : " من غير خوف ولا سفر " وبلفظ : " من غير خوف ولا مطر " , قال الحافظ : على أنه لم يقع مجموعا بالثلاثة في شيء من كتب الحديث , بل المشهور : " من غير خوف ولا سفر " . قوله : ( سبعا وثمانيا ) أي سبعا جميعا وثمانيا جميعا كما صرح به البخاري في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب . قوله : ( أراد أن لا يحرج أمته ) قال ابن سيد الناس قد اختلف في تقييده , فروي يحرج بالياء المضمومة آخر الحروف وأمته منصوب على أنه مفعوله , وروي تحرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة , وضم أمته على أنها فاعله ومعناه : إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل , فقصد إلى التخفيف عنهم . وقد أخرج ذلك الطبراني في الأوسط والكبير , ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن مسعود بلفظ : { جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء , فقيل له في ذلك , فقال : صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي } وقد ضعف بأن فيه ابن عبد القدوس وهو مندفع , لأنه لم يتكلم فيه إلا بسبب روايته عن الضعفاء وتشيعه والأول غير قادح باعتبار ما نحن فيه , إذ لم يروه عن ضعيف , بل رواه عن الأعمش كما قال الهيثمي . والثاني ليس بقدح معتد به ما لم يجاوز الحد المعتبر ولم ينقل عنه ذلك . على أنه قد قال البخاري : إنه صدوق . وقال أبو حاتم : لا بأس به .



وقد استدل بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقا بشرط أن لا يتخذ ذلك خلقا وعادة . قال في الفتح : وممن قال به ابن سيرين وربيعة وابن المنذر والقفال الكبير , وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث , وقد رواه في البحر عن الإمامية والمتوكل على الله أحمد بن سليمان والمهدي أحمد بن الحسين ورواه ابن مظفر في البيان عن علي عليه السلام وزيد بن علي والهادي وأحد قولي الناصر وأحد قولي المنصور بالله ولا أدري ما صحة ذلك , فإن الذي وجدناه في كتب بعض هؤلاء الأئمة وكتب غيرهم يقضي بخلاف ذلك . وذهب الجمهور إلى أن الجمع لغير عذر لا يجوز . وحكى في البحر عن البعض أنه إجماع , ومنع ذلك مسندا بأنه قد خالف في ذلك من تقدم .



واعترض عليه صاحب المنار بأنه اعتداد بخلاف حادث بعد إجماع الصدر الأول . وأجاب الجمهور عن حديث الباب بأجوبة : منها أن الجمع المذكور كان للمرض وقواه النووي . قال الحافظ : وفيه نظر , لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من له نحو ذلك العذر . والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه , وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته . ومنها أنه كان في غيم فصلى الظهر , ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر قد دخل فصلاها . قال النووي : وهو باطل , لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء . قال الحافظ : وكأن نفيه الاحتمال مبني على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد .



[ ص: 258 ] والمختار عنه خلافه , وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء وعلى هذا فالاحتمال قائم . ومنها أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها . قال النووي : وهذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل .



قال الحافظ : وهذا الذي ضعفه قد استحسنه القرطبي ورجحه إمام الحرمين , وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي , وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به . قال الحافظ أيضا : ويقوي ما ذكر من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع , فإما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر , وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج , ويجمع بها بين مفترق الأحاديث , فالجمع الصوري أولى والله أعلم ا هـ .



ومما يدل على تعيين حمل حديث الباب على الجمع الصوري ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ : { صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا , والمغرب والعشاء جميعا , أخر الظهر وعجل العصر , وأخر المغرب وعجل العشاء } فهذا ابن عباس راوي حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري .



ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار أنه قال : يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر , وأخر المغرب وعجل العشاء ؟ قال : وأنا أظنه . وأبو الشعثاء هو راوي الحديث عن ابن عباس كما تقدم . ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري ما أخرجه مالك في الموطأ والبخاري وأبو داود والنسائي عن { ابن مسعود قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين , جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة , وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها } فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة , مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدم



وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري , ولو كان جمعا حقيقيا لتعارض روايتاه , والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب . ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصوري أيضا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما , ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما } وهذا هو الجمع الصوري , وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه .



وهذه الروايات معينة لما هو المراد بلفظ جمع لما تقرر في الأصول من أن لفظ : " جمع بين الظهر والعصر " لا يعم وقتها كما في مختصر المنتهى وشروحه والغاية وشرحها وسائر كتب الأصول , بل مدلوله لغة الهيئة الاجتماعية , وهي موجودة في جمع التقديم والتأخير والجمع الصوري , إلا أنه لا يتناول جميعها ولا اثنين منها , إذ الفعل المثبت لا يكون عاما في أقسامه كما صرح بذلك أئمة الأصول فلا يتعين [ ص: 259 ] واحد من صور الجمع المذكور إلا بدليل , وقد قام الدليل على أن الجمع المذكور في الباب هو الجمع الصوري فوجب المصير إلى ذلك .



وقد زعم بعض المتأخرين أنه لم يرد الجمع الصوري في لسان الشارع وأهل عصره , وهو مردود بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من { قوله للمستحاضة : وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين , ومثله في المغرب والعشاء } وبما سلف عن ابن عباس وابن عمر . وقد روي عن الخطابي أنه لا يصح حمل الجمع المذكور في الباب على الجمع الصوري لأنه يكون أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها , لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه الخاصة فضلا عن العامة



ويجاب عنه بأن الشارع قد عرف أمته أوائل الأوقات وأواخرها , وبالغ في التعريف والبيان , حتى أنه عينها بعلامات حسية لا تكاد تلتبس على العامة فضلا عن الخاصة , والتخفيف في تأخير إحدى الصلاتين إلى آخر وقتها وفعل الأولى في أول وقتها متحقق بالنسبة إلى فعل كل واحدة منهما في أول وقتها كما كان ذلك ديدنه صلى الله عليه وسلم حتى قالت عائشة : { ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين حتى قبضه الله تعالى }



ولا يشك منصف أن فعل الصلاتين دفعة والخروج إليهما مرة أخف من خلافه وأيسر . وبهذا يندفع ما قاله الحافظ في الفتح : أن قوله صلى الله عليه وسلم : " لئلا تحرج أمتي " يقدح في حمله على الجمع الصوري , لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج , فإن قلت : الجمع الصوري هو فعل لكل واحدة من الصلاتين المجموعتين في وقتها فلا يكون رخصة بل عزيمة , فأي فائدة في قوله صلى الله عليه وسلم : " لئلا تحرج أمتي " مع شمول الأحاديث المعينة للوقت للجمع الصوري , وهل حمل الجمع على ما شملته أحاديث التوقيت إلا من باب الاطراح لفائدته وإلغاء مضمونه . قلت : لا شك أن الأقوال الصادرة منه صلى الله عليه وسلم شاملة للجمع الصوري كما ذكرت , فلا يصح أن يكون رفع الحرج منسوبا إليها بل هو منسوب إلى الأفعال ليس إلا لما عرفناك من أنه صلى الله عليه وسلم ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين , فربما ظن ظان أن فعل الصلاة في أول وقتها متحتم لملازمته صلى الله عليه وسلم لذلك طول عمره , فكان في جمعه جمعا صوريا تخفيف وتسهيل على من اقتدى بمجرد الفعل .



وقد كان اقتداء الصحابة بالأفعال أكثر منه بالأقوال , ولهذا { امتنع الصحابة رضي الله عنهم من نحر بدنهم يوم الحديبية بعد أن أمرهم صلى الله عليه وسلم بالنحر حتى دخل صلى الله عليه وسلم على أم سلمة مغموما , فأشارت عليه بأن ينحر ويدعو الحلاق يحلق له ففعل , فنحروا أجمع وكادوا يهلكون غما من شدة تراكم بعضهم على بعض حال الحلق } . ومما يدل على أن الجمع المتنازع فيه لا يجوز إلا لعذر ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر } وفي إسناده حنش بن قيس وهو ضعيف .



ومما يدل على ذلك ما قاله الترمذي في آخر سننه في كتاب [ ص: 260 ] العلل منه ولفظه : جميع ما في كتابي هذا من الحديث هو معمول به , وبه أخذ بعض أهل العلم , ما خلا حديثين : حديث ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة , والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر } وحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم : { إذا شرب الخمر فاجلدوه , فإن عاد في الرابعة فاقتلوه } انتهى .



ولا يخفاك أن الحديث صحيح , وترك الجمهور للعمل به لا يقدح في صحته ولا يوجب سقوط الاستدلال به . وقد أخذ به بعض أهل العلم كما سلف وإن كان ظاهر كلام الترمذي أنه لم يأخذ به أحد , ولكن قد أثبت ذلك غيره , والمثبت مقدم , فالأولى التعويل على ما قدمنا من أن ذلك الجمع صوري , بل القول بذلك متحتم لما سلف .



وقد جمعنا في هذه المسألة رسالة مستقلة سميناها : تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع , فمن أحب الوقوف عليها فليطلبها .



قال المصنف رحمه الله تعالى بعد أن ساق حديث الباب ما لفظه : قلت : وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر والخوف وللمرض , وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر للإجماع ولأخبار المواقيت فتبقى فحواه على مقتضاه , وقد صح الحديث في الجمع . للمستحاضة , والاستحاضة نوع مرض .



ولمالك في الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم .



وللأثرم في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : { من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء } ا هـ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
*عروسه مضيعه كعبها*
مشرفة
مشرفة
*عروسه مضيعه كعبها*


عدد المساهمات : 549
تاريخ التسجيل : 16/04/2008

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجمع بين الصَّلوات وضوابطه   الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه I_icon_minitimeالجمعة يوليو 11 2008, 14:05

الجمع بين الصَّلوات   وضوابطه 619546
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجمع بين الصَّلوات وضوابطه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإبداع :: 
التربية والتعليم
 :: بحوث ومقالات علمية
-
انتقل الى: